إن مهنة التعليم من أجل وأسمى الرسالات على وجه الأرض, لما لها من الدور العظيم في إعمار الأرض وإصلاح بنيان مجتمعنا الإسلامي. ولمن أراد أن يعلم كم رفع الله من قيمة العلماء والمعلمين في قرآنه الكريم فليتدبّر معنى هذه الآية الكريمة :
( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) -الزمر: 9-
وقد كان رسولنا خير معلم لأمتنا حين دخل صلى الله عليه وسلم ذات مرة المسجد فوجد فرقتين إحداهما تتعلم والأخرى تتعبد فجلس صلى الله عليه وسلم مع الفرقة التي تتعلم وقال عبارته المشهورة " إنما بعثت معلماً " فهذا دليل صريح على فضل العلم والمعلم على غيره من سائر الناس لأن المعلم ينفع نفسه وينفع غيره بخلاف المتعبد ، فالمتعبد لا ينفع إلا نفسه.
كما وقد كان لنا خير سلف في أصحابه الكرام فقد قال كمين بن زياد : " أخذ علي بن أبي طالب بيدي ، فأخرجني إلى ناحية الجبان فلما أصحرنا ، أي نزلنا إلى الصحراء ، جلس ثم تنفس ثم قال : " يا كمين بن زياد ، القلوب أوعية فخيرها أوعاها ، احفظ ما أقول لك ، الناس
ثلاثة معلم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، ورعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجؤا إلى ركن وثيق ، العلم خير من المال ، والمال تنقصه النفقة ومحبة العالم دين يدان بها ، العلم يكسب العالم الطاعة في حياته وجميل لأحدوثه بعد وفاته ، وصنيعة المال تزول بزواله ، بات خزان المال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة "
فلنفخر كوننا ارتضينا لأنفسنا بأن نكون من ورثة الأنبياء ولنسعى جاهدين لأن نكون أكفاء ذوي أثر طيب في نفوس كل من يتواصل معنا ويسعى للاستفادة من علمنا.
ولنستفد من حكمة سلفنا لصالح وما روي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله إذ قال : " إن استطعت فكن عالماً أو متعلماً أو محباً أو لا تبغضهم و لا تكن الخامسة فتهلك "
.
من هو المعلم غير الناجح ؟
المعلم المقصر : هو إنسان دخل مهنة التعليم على سبيل الخطأ، وعلاقته بها علاقة شكلية وسطحية؛ فأنت لا تكتشف وأنت تتحدث معه
أن له أي اهتمامات بالثقافة أو التعليم أو مستقبل الأجيال. ويظهر إهماله في تحضيره لدروسه، وفي تصحيحه لواجبات الطلاب وأوراق امتحاناتهم، ولا يلقي بالاً لشكواهم، ولا يفكر في أحوالهم.
المُعلِّم المستبــد: هو العنيف الذي يسيطر على الأمور بقوة المتسلط ، و من سمات هذا الصنف من المُعلمين أنه يفتقر إلى الروح الرياضية والمرونة الذهنية، وهو قوي الإحساس بمركزه وسلطته، ويغلب عليه طابع الحرفية والتمسك بالأنظمة دون أن يأخذ بعين
الاعتبار الظروف الخاصة التي يمر بها بعض الطلاب، والهم الذي يسيطر عليه هو إنهاء المناهج؛ فلا يعطي للثقافة العامة وتنمية شخصيات الطلاب ما تستحقه من عناية واهتمام.
المُعلِّم الفوضوي: مهزوز الشخصية ولا يستطيع إدارة الصف نحو الوجهة المنشودة . يسير المُعلِّم الفوضوي في الاتجاه المعاكس للمُعلِّم المستبد، فهو لا يأبه بتوجيهات الإدارة، ولا يلتزم بالنظم ، كما لا يهتم بإنهاء المناهج، ولا يكترث بما يسمى الأهداف التعليمية. وهو يحمل في نفسه نوعاً من الرفض للتقاليد التعليمية المعترف بها. إن الذي يسيطر عليه هو العلاقات الإنسانية مع الطلاب. وحرصه على رضا طلابه ومسامرتهم يقع عنده في المرتبة الأولى ، ولهذا فإن المحصلة العلمية التي يحصل عليها طلابه من وراء تدريسه تعد متواضعة.
المُعلِّم التقليـدي : لا يسعى لتطوير ذاته ومواكبة عصر التكنولوجي . نمط المُعلِّم العادي هو النمط السائد في معظم المدارس، ومستوى ما هو عاد وغير عاد تحدده البيئة التعليمية العامة؛ فالمُعلِّم العادي في دولة متقدمة يختلف كثيراً عن المُعلِّم العادي في بلد متخلف فقير. يحرص المُعلّم العادي على إنهاء المناهج، كما يحرص على تنفيذ التعليمات العليا، لكنه مع هذا يتيح للطلاب نوعاً من المشاركة، كما يتيح فرصة محدودة لطرح الأسئلة ، ومعرفته بمادته عادية، واهتمامه بتنمية شخصيته وتحسين فاعليته ضئيل أو دون المتوسط.
فهل ترضى لنفسك أيها المعلم المربي أن تكون من بين هذه الأصناف السلبية ؟
السمات الشخصية للمعلم الناجـحللمعلم الناجح أثر ايجابي عظيم في نفوس الطلبة ويتخلد ذكراه في قلوبهم على مر السنين والأزمان, وتتطيب الأفواه بذكر فضائله وجمائله. فالمعلم الناجح تحيطه هالة من السمات التي تميّزه عن باقي الخلق .. فهو :
القدوة الحسنة في سلوكه الكريم وعلو خلقه :
- مخلص النية لله في عمله ، لا يتبرم ولا يتثاقل من أعبائه ومهماته .
- يمتلك المعرفة العامة الواسعة تشتمل على فهم عميق للمواضيع التي يدرسها في الصف ويتسلح بالمعرفة المعاصرة.
- يكنُّ احتراماً كبيراً لمهنته و يتميز بحب ذي طبيعة مزدوجة وهي حبه لطلبته وللمعلومات التي يضطلع بتدريسها.
- لا يغضب ولا يتأفف من أخطاء طلبته لإيمانه بأنه في موقع الخبير التربوي الذي عليه مسؤولية تعليم الطلبة ورفع مستواهم التحصيلي, ولا يتوقع أن يكون الطلبة قمة في الذكاء والتفوق بدون مجهود منه.
- يحترم الطلبة ويصبر على حركاتهم الصبيانية ويتحملها بروح الأبوة ويحتويها.
- عطوف ، لا يسخر من الطلبة بل دائم التوجيه والإرشاد لأخلاقيات المسلم الصحيحة وسلوكيات الإنسان المتحضر القويمة.
- يشعر كل طالب بأنه مميز ويعزز الطلبة ويرفع من معنوياتهم ويشجعهم على التعلّم
- يتواصل مع مرؤوسيه وزملائه باحترام ويتبادل الخبرات المهنية معهم .
- يستعين بذكر فضائل الله على البشر في دروسه ويظهر معجزات الله في خلقه ويظهر مقدرته وتدبيره في خلق الكون
إدارته الجيدة للوقت :لله حكمة في تقسيمه لأيامنا إلى مواقيت صلاة ، فقد جعلها كنقاط ارتكاز في يومنا ، لنتوقف في محطات زمنية منتظمة لنقوم بتطهير أجسادنا وأرواحنا ونعيد النظر فيما أنجزناه وما سنقوم به من أعمال أعمالنا ..
كما وشمل تخطيط تقسيم سنواتنا إلى أشهر معلومات
تتوزع عليها العبادات بما يتناسب مع قدرة النفس البشرية. لم نحس بالإرهاق من توالي ترتيبها بل تتجدد قوانا في كل مرة ونترقب عودة أيامها من صيام وحج وصلوات بلهفة وشوق.
المعلم الناجح هو من يحسب ويقّدر ما عليه من مهام وواجبات ويقوم يتوزيعها بحكمة على خطته السنوية للمنهاج وعلى خططه اليومية والشهرية ويتقيد بإظهار المدة الزمنية فيها .. فيصبح عمله كخريطة العمل الظاهرة أمامه .. فيبتعد عنه شبح الفشل أو الالتحاق بالوقت لإنهاء أعماله ، ويكون واثقا من قدرته على الإنجاز وتحقيق أهدافه.
لا يتأخر عن حصصه ولا يتثاقل من رفقة مع طلبته ، ويخشى الله في راتبه فلا تضيع دقيقة من حصته إلا في تعليم الطلبة وتدريبهم على التعلّم وارشادهم لما فيه صلاح حياتهم
وفقكم الله في أختيار الصنف المناسب