مقدمـــــــة:
يعيش الإنسان حياة نفسية مختلفة باختلاف الأحوال والظروف فيشعر مرة بالفرح ومرة أخرى بالحزن ويشعر باللذة ومرة بالألم، فإذا كان الشعور هو الذي يجعلنا نعي جميع أحوالنا النفسية، هل هذا الشعور يطلعنا على ما يوجد بداخلنا من أحوال نفسية وتنعكس على سلوكاتنا، وتكون حياتنا النفسية هنا موضوعاً واضحا بالنسبة لنــا? أم أن هناك جـــانباً آخر لا نعيه? وبعبارة أخرى هل كل ما هو نفسي هو بالضرورة شعوري?
عرض الموقف الأول:
يُعرف الفيلسوف الفرنسي لالاند الشعور بأنه: حدس الفكر لأحواله وأفعاله، ويكون الشعور بهذا التعريف هو: الوعي الذي يصاحبنا دوما عند القيام بأي عمل، هكذا تأسست أفكار المدرسة الكلاسيكية على هذا الرأي بزعامة الفيلسوف الفرنسي ديكارت الذي جعل من الشعور أساسا ومبدأ وحيداً لتفسير حياة الإنسان النفسية، فالحياة النفسية في نظره تساوي الشعور والشعور يساوي الحياة النفسية، وترجع جذور هذه النظرية إلى الفلسفة اليونانية وبالتحديد إلى آراء سقراط، الذي اعتقد أن الإنسان يعرف نفسه ويستطيع الحُكم عليها وعلى أحوالها وأفعالها وقد عبر عن ذلك بمقولته الشهيرة: "اعرف نفسك بنفسك" ونفس الموقف نجدُه في الكوجيتو الديكارتي مع ديكارت الذي يقول: "أنــا أفكر إذا أنا موجود"، ويؤمن ديكارت كذلك بأنه لا وجود لحياة نفسية خارج الشعور ما عدا الحياة الفيزيولوجية التي ليس لها علاقة بنفسية الإنسان يقول ديكارت: "ليس هناك حياة نفسية خارج الروح سوى الحياة الفيزيولوجية، فإذا كانت الحياة الفيزيولوجية غير شعورية فإن الحياة النفسية لا بد أن تكون شعورية فقط".
نقد الموقف الأول:
إلا أن هذا الموقف يفسر بعض الجوانب فقط ويعجز عن تفسير الكثير من الحالات الأخرى التي يتعرض لهــا الإنسان في حياته فلا يوجد شيء يؤكد أن الحياة النفسية هي كلها شعورية وقابلة للملاحظة، فهناك الكثير من الحالات النفسية والسلوكية عجز الإنسان ع تفسيرها تبعاً للشعور وهنا كان لا بد من افتراض جانب آخر يشكل الحياة النفسية وهذا الجانب هو اللاشعور.
عرض الموقف الثــاني:
على خلاف الموقف الأول افترض طبيب الأعصاب النمساوي (سيغموند فرويد) وجود جانب آخر أكثر أهمية من الشعور، واليه يمكننا إرجاع معظم تصرفاتنا وهو اللاشعور الذي عرفهُ على أنه مجموعة السلوكات التي تصدر عن الإنسان دون وعي منه لأسبابها ودوافعها، ففي نظره هناك سلوكات يقوم بها أي إنسان يعجز عن تفسيرها فمثلا: زلات القلم، فلتات اللسان، والأحلام ما هي إلا تعبيرات عن هذا الجانب المظلم في الحياة النفسية والذي اعتبر أنه يمثل جل الحياة النفسية أي الجانب الأكبر منــها، ومن خلال أبحاث فرويد الطويلة في هذا المجال استنتج أن أغلب سلوكات الإنسان هي بالأساس لا شعورية وسببها تعبير الغزيرة الجنسية المكبوتة التي سماها (الليبيدو) ويقول فرويد في هذا السياق: "إن الفنان الذي يرسم لوحة فنية ليس إلا طريقة لا شعورية للتعبير عن غريزته الجنسية المكبوتة" وقد كان عالم النفس الفرنسي شاركو قد أشار أيضاً إلى وجود جانب خفي في الحياة النفسية يؤثر في سلوكات الإنسان.
نقد الموقف الثاني:
غير أن آراء فرويد بالرغم من أهميتها وصحتها إلى حد مــــــا، تعرضت إلى كثير من الانتقادات حتى من أقرب الناس إليه فآراءه المتعصبة لجهة سيطرة اللاشعور على حياة الإنسان أفقده خصوصية هامة ألا وهي الوعي والإدراك، فجعلهُ أسيراً لغرائزه ومكبوتا ته ونفى عنه كذلك كل إرادة وحرية في الاختيار، فابنتُه (أنــا فرويد) وتلميذًه (أدلــــــر) كانــا أكثر من انتقدهُ في هذا الجانب.
التركيـــب:
إن اعتبار الحياة النفسية يمثلها الشعور فقط فيه نوع من الإهمال لجانب مهم وهو اللاشعور، وكذلك اعتبار الحياة النفسية يمثلها اللاشعور فقط فيه تقليل من قيمة الإنسان كإنسان بكل خصائصه، والرأي السليم هو أن الحياة النفسية عند الإنسان لا يمكن معرفتها وتفسيرُها إلا بالإيمان بوجود الجانبين معــاً فهما يتكاملان لمعرفة حقيقة النفس الإنسانية وما يدور بداخلها وإن كانت هذه المعرفة محدودة إلى حد مــــــــا.
الخــــــــــــــــــاتمة:
وهكذا نستنتج في الأخيــر من طرحنا لإشكالية الشعور باعتباره وسيلة لمعرفة حياتنا النفسية نؤكد على ضرورة إعطاء الأولوية للشعور في أغلب الحالات مع مراعاة وجود جانب اللاشعور الذي يصلح لتفسير حالات أخرى خاصة عند المرضى النفسيين.
درس اللغة والفكر يعالج اشكالية وهي هل كل مانفكربه نستطيع ان نعبر عنه اي هل ما نملكه من رصيد لغوي يستطيع التعبير عن جميع أفكارنا. وعليه فهنالك اتجاهين فلسفين الاول يقول ان اللغة تستطيع ان تعبر عن الفكر ويسمى هذا الاتجاه بالاحادى والواحدي والتلاحمي كلها كلمات متردفة لمسمى واحد . وحجتهم في ذالك ان الفكر عبارة عن لغة صامتة. وان الالفاظ هي حصون المعاني ... اما الاتجاه الثاني فيرى أن ما نملكه من افكار اوسع نطاقا مما نملكه من كلمات ويسمى هذا الاتجاه بالاتجاه الثنائي . وحجتهم على ذالك توقف المتكلم عن الكلام .والكاتب عن الكتابة حيث لايجد الالفاظ المناسبة لتعبير عن افكاره. اللحٶ للفنون التشكليه والموسيقى لتعبير عن افكارنا . أن الطفل يفكر ثم بعدها يصير يتكلم. ان الفكر سيل متصل من المعني اما اللغة فهي منفصلة . الكلمات لا تسعفنا لتعبير عن جميع افكارنا ولذالك نستعين بحركة اليدين والبكاء احيانا.
إع